عندما شرح برتراند راسل “الأهمية الفلسفية” لـ ألبرت أينشتاين.
اجنادين نيوز / ANN
“لقد غيَّر أينشتاين بشكل جذري الأفكار القديمة عن المكان والزمان، والتي لم يتحداها الفلاسفة منذ زمن سحيق. وهذا ما يشكّل صعوبة نظريته وأهميتها معاً بالنسبة للفلسفة. ولكن قبل شرح نظرية النسبية لألبرت أينشتاين هناك بعض المقدمات التي لا غنى عنها. هناك نوع معين من “الأشخاص المتفوقين” مهتم دائماً بالتأكيد على أن “كل شيء نسبي”. وهذا بالطبع هراء، لأنه لو كان كل شيء نسبي، فلن يكون هناك ما يكون نسبياً بالنسبة إليه. ومع ذلك، دون الوقوع في السخافات الميتافيزيقية، من الممكن التأكيد على أن كل شيء في العالم المادي نسبي بالنسبة إلى مراقب. وهذا الرأي، سواء كان صحيحاً أم لا، ليس هو الذي تتبناه “نظرية النسبية”.
ولعل إسم “نظرية النسبية” مؤسف؛ ومن المؤكد أنه قاد الفلاسفة، والمثقفين وغير المثقفين على حد سواء، إلى الارتباك. إنهم يتصورون أن النظرية الجديدة تثبت أن كل شيء في العالم المادي نسبي، في حين أنها، على العكس من ذلك، تهتم تماماً بإستبعاد ما هو نسبي والتوصل إلى بيان للقوانين الفيزيائية التي لا تعتمد بأي حال من الأحوال على ظروف المراقب. صحيح أن هذه الظروف قد وُجد أن لها تأثيراً أكبر على ما يظهر للمراقب مما كان يُعتقد سابقاً، ولكن في الوقت نفسه أظهر أينشتاين كيفية إستبعاد هذا التأثير تماماً. وكان هذا هو مصدر كل ما يثير الدهشة في نظريته تقريباً.
تهدف الفيزياء إلى تقديم معلومات حول ما يحدث بالفعل في العالم المادي، وليس فقط حول التصورات الخاصة لمراقبين منفصلين. ولذلك، يجب أن تهتم الفيزياء بتلك السمات المشتركة بين جميع المراقبين للعملية الفيزيائية، حيث يمكن إعتبار هذه السمات وحدها تنتمي إلى الحدث الفيزيائي نفسه. وهذا يتطلب أن تكون قوانين الظواهر هي نفسها سواء تم وصف الظواهر كما تظهر لراصد أو كما تظهر لراصد آخر. وهذا المبدأ الوحيد هو الدافع المولد لنظرية النسبية بأكملها”.
– برتراند راسل | ألفباء النسبية (١٩٢٥) –
(الفصل الأول: اللمس والبصر: الأرض والسماء، ص. ٢-٥)
(تم نشر كتاب ألفباء النسبية لبرتراند راسل لأول مرة في عام ١٩٢٥، وكان يعتبر تحفة فنية في عصره، حيث ساهم بشكل كبير في تعميم العلوم على نطاق واسع. كونه موثوق وسهل الوصول إليه، وفّر ما وجده الكثيرون دليلاً تمهيدياً رائعاً للقراء حول نظرية النسبية لعامة لأينشتاين).
منقول