حوارات مع المبدعين … الروائي والمؤلف المسرحي عبد المنعم بن السايح ….. الجمهورية الجزائرية
اجنادين نيوز / ANN
كمال الحجامي / العراق
يعد التواصل عبر المؤسسات الاعلامية محطات مبدعة ورائعة مع الأدباء والكتاب والفنانيين التشكيليين والروائيين والنقاد وغيرهم من اصحاب الكلمة الحقة والرأي السديد والذين استطاعوا أن يضعوا لهم بصمات شاخصة في مسيرتهم الطويلة من أعمال تعج بالابداع والنجاح المثمر في مجال اختصاصهم في داخل وخارج العراق.. وفي واحتنا الحوارية هذة نلتقي مع الروائي والمؤلف المسرحي/عبد المنعم بن السايح من الجمهورية الجزائرية الذي استطاع من خلال مسيرته الحافلة بالعديد من الاصدارات في مجال المسرح والرواية.والروائي بن السايح من مواليد(1991) اختصاصه النقد الادبي المعاصر من جامعة/فاصدي مرباح/بولاية/ورقلة/أما عن اصداراته في مجال الرواية فكانت لديه رواية (حبيبتي زانية)لعام 2016/وبقايا اوجاع سماهر/لعام 2016/قد بلغت من الوجع عتيا/لعام 2017/ولنرقص الترانتيلا ثم نموت/لعام 2018/وفي نتاجه المسرحي فقد اصدر مسرحية/شعائر الابادة/لعام 2021/و/المبشرون بالجنائز..مسرحيتان لعام/2022/ومسرحية الطارق ابواب الخلود بعكاز مجنونة/الجزائر لعام 2022/ومسرحية/المحرقة/خيمة..اشلاء ونار/وصدرت عام 2024/مصر العربية ومسرحية/غواية الشيطان الرجيم والحب/لعام 2025/ ونال الروائي والمؤلف المسرحي عبد المنعم بن السايح على العديد من الجوائز في اسهاماته في مجال الرواية والمسرح واهمها/الجائزة الوطنية للرواية القصيرة لعام 2014/عن رواية /المتحرر من سلطة السواد/وجائزة رئيس الجمهورية الجزائرية للمبدعين الشباب في عام /2017/عن رواية/بقايا اوجاع سماهر وجائزة محمد ديب الكبرى للابداع الروائي عام/2020/عن رواية لنرقص الترانتيلا ثم نموت وجائزة حورس الإسكندرية للرواية العربية وأيضا حصل على جائزة الشيخ راشد بن حمد الشرقي للابداع عام/2020/حيث فازت روايته/شعائر الابادة/بالمركز الاول دوليا وكذلك مسرحية قطاف الجنائز للقائمة القصيرة في الهيئة العربية للمسرح في الامارات العربية المتحدة لعام/2019/واعتبر نصه من اهم عشرين نص مسرحي في مجال المسرح الموجه للكبار ونال الروائي والمؤلف المسرحي/بن السايح/على وسام الاستحقاق الثقافي من وزارة الثقافة والفنون الجزائرية عن نصه المسرحي/شعائر الابادة وايضا ضمن جوائزه الأخرى/كاكي الذهبي/للكتابة الدرامية عن نصه المسرحي غواية الشيطان الرجيم والحب لعام/2023/وحازعلى المرتبة الأولى دوليا في مهرجان/شرم الشيخ/الدولي للابداع الشبابي عن نصه المسرحي/المحرقة/لعام 2024/واخيرا نال وسام الاستحقاق لوزارة الدفاع الوطني عام 2017/ووسام الاستحقاق الثقافي من وزارة الثقافة والفنون لعام/2022/. أهلا وسهلا بكم أستاذنا العزيز في حوارنا معكم.
س… ضمن مسيرتكم المفعمة بعطاءها وارثها الادبي الكبير هل هناك من رواد المسرح والرواية قد تاثرت به وكان موجها لك في مجالك الادبي والثقافي .
لا يوجد كاتب لم يلهمه كاتبا ما، والذي شكل بداخله الرغبة في الاطلاع وتوسع دائرة الرؤيا الإبداعية. وأنا كغيري من الكتاب، تشكل عندي الوعي الإبداعي والمعرفي في الرواية والمسرح من خلال الاطلاع على تجارب من سبقوني من الأدباء الكبار، وهذا الوعي يعتبر حلقة وصل ما بين الأجيال. في مسيرتي الأدبية تأثرت بالكثير من الرواد مثل “نجيب محفوظ” الذي جعلني أطلع على أسلوبه العبقري في وصف البيئة الاجتماعية؛ خاصة أن أعماله الأدبية هي تصوير للحياة المصرية والقضايا الاجتماعية في العمق الشعبي. وأيضا “توفيق الحكيم” الذي تأثرت بأفكاره الفلسفية والعمق الاجتماعي التي تعكسها أعماله الأدبية، كما أنني أعدت بعث إحياء المسرح الذهني الذي كان أول من أسسه ونادى به من خلال مسرحية “شعائر الإبادة” و مسرحية “كاليدونيا أرض المنفى والمبكى” ومسرحية “بار النخبة”. وفي المسرح تأثرت بيوسف إدريس، وعبد الرحمن كاكي. ولكن هناك ثلاثة رواد أدين لهم بتأثيث معرفتي الجمالية وهم برتولت بريخت؛ الذي جعلني أتأثر بالوعي السياسي في الكتابة المسرحية. وجبران خليل جبران الذي جعلني أؤمن بالنزعة الإنسانية، وكان أثر هذا في جميع أعمالي الأدبية خاصة في مسرحية “غواية الشيطان الرجيم والحب”، أيضا سامويل بيكيت الذي ألهمني بضرورة الوعي الفلسفي في الإبداع وأن الإبداع هو تشكيل للقاعدة الفلسفة؛ والفلسفة قرين الإبداع.
س … ضمن نصوصك في مجال الرواية والعمل في الكتابة المسرحية كيف توفق عملك بين هاتين المجالين الأدبيين وتبسطها لدى القراء أو المشاهدين في عتبة المسرح.
في الحقيقة الكتابة المسرحية أخذت جزءً كبير مني، حتى أنني لم أكتب نص روائي آخر منذ عام 2019 م، لأني وجدت نفسي بحاجة لطرح الأفكار المكدسة بداخلي والتي لا تستوعبها الرواية في المسرح؛ كما نعلم أن المسرح في أب الفنون وهو الصوت الحقيقي للإبداع وهو أكثر تأثيرا على المتلقي. لا ننكر أن الرواية لديها السحر الجمالي على القراء، وأن كل من كتب الرواية هو نجم هذا العصر، حتى أن الرواية أصبحت ديوان العرب في هذا العصر. ولكن المسرح أجده متنفس حقيقي لأفكاري المجنونة والمحظورة . الرواية تأخذ مني جهد أكبر من النص المسرحي ومن الصعب أن أكتب نص روائي ومسرحي في مدة واحدة – ليست لدى هذه القدرة-، لا بد من أن أعطي مساحة لرغبة ومزاجية ذاتي المبدعة؛ إذا بدأت في الكتابة للمسرح لا يمكنها أن لا أغوص في كتابة نص روائي في الفترة نفسها؛ وهذا هو النمط الذي أتبعه في الكتابة. وهذا النمط جعلني أفلتر الأفكار وأرتبها. زد إلى هذا ليست الأفكار والمواضيع التي أطرحها في الرواية نفسها الأفكار والمواضيع التي أطرحها في المسرح؛ فأنا مصاب بوسواس الاستهلاكية وإعادة الاجترار في المواضيع، لذلك أبتعد عن شبهة إعادة مضغ أفكاري والمواضيع الذي أكتبها.
س …. تشغل حياتنا اليومية الكثير من المشاهدات سواء كانت سلبية أو ايجابية كيف تقحم شخوص رواياتك في لغة مبسطة يتابعها القارئ بكل ارتياح وإبداع لمنجزك في مجال الكتابة أو السرد القصصي في عملك الأدبي والثقافي المتنوع في أفكاره وافقه المختلفة عمن سواه من الكتاب .
في كل أعمالي الإبداعية، بداية من أول رواية قصيرة –نوفيلا- في مسيرتي “المتحرر من سلطة السواد” إلى غاية آخر إصدار أدبي بعنوان ” المحرقة”، يتشكل مفهوم نخبوية الشخصيات. أغلب شخوص أعمالي الروائية والمسرحية تجدهم من النخبة، يعني هذا أن تحميلهم للقضايا الكبرى وبلغة كبيرة ضرورة إبداعية وفكرية. هذه ليست مجارات أو مبارزة فكرية، ولكنها تيمة قلمي هي الغوص في القضايا الكبرى (الحرب ومخلفاتها، إشكالية النخبة – وقد تشكل في مسرحيتي بار النخبة-، المآسي الإنسانية، والقضايا التاريخية المنسية أو التي نتناساها). أنا لا أقحم أي لغة في الشخوص بما لا يناسبها ولا يناسب وعيها، لهذا جعلت مساري في الكتابة مسارا نخبوياً ليكون العمق مبرراً، ولكي لا يتوه القارئ أو المتلقي في مفاهيم كبيرة؛ لهذا وجب عليه أن يدرك توجه أو مسار أعمالي الإبداعية قبل قراءتها.
س … كتبته العديد من المسرحيات والروايات المتعددة المفعمة بجمال تكويناتها وحبكتها في الوطن العربي ماذا عن تجربتكم في القصص القصيرة للأطفال ومحاكاتهم في بساطة اللغة وجمال الحكاية.
الكتابة للطفل صعبة جداً بالنسبة لقلمي، فكما قلت لك في سؤالك السابق، بأن قلمي قلم نخبوي يغوص في القضايا الإنسانية الكبرى، كما أنني معروف بالتيمة الجنائزية أو انتمائي للمدرسة التشاؤمية. لهذا أجدني متردد جدا لأكتب نص للطفل؛ مع أن لدي ثلاث تجارب ولكنها حبيسة في الدرج. كلما أراجع نصوصي التي تخص الطفل أجد أن فيها مفاهيم كبيرة عن وعيه وإدراكه. فكما نعلم أن ذاكرة الطفل كالإسفنج تمتص كل شيء، لا تشبه ذاكرة المتلقي أو القارئ الكبير يفلتر كل ما يقرأه. زد إلى هذا توجهات الطفل المعاصر تختلف عن توجهاتنا نحن كتاب جيل التسعينيات، فهذا الجيل تستهويه كتابات مختلفة تغوص في التكنولوجيا ومستحدثاتها. لهذا إن أردت أن اكتب نص للطفل لابد أن أعرف وعي الطفل؛ وهنا – للأسف- تكمن قطيعتي مع أدب الطفل؛ لا أقول ضعفي.
س … بعد هذا الباع الطويل في مشواركم الأدبية هل هناك تعاون وتلاقح الأفكار في ترجمة نصوصكم الى لغات أخرى. لكي يطلع عليها الجانب الآخر من الدول الأجنبية .ماذا تعني لكم المشاركات في المهرجانات والملتقيات الأدبية أو الثقافية سواء في بلدكم أو الدول العربية والأجنبية؟
نعم هناك مشروع ترجمة مسرحيتي الذهنية الدرامية (شعائر الإبادة) للغة الإنجليزية. وأيضا ترجمة رواية بقايا أوجاع سماهر للغة الفرنسية وقد تم ترجمة أجزاء كثيرة منها وسيتم نشرها في كتاب، من إعداد المترجم د. حمزة عطالله. وأيضا هناك مشروع ترجمة مسرحيتي المبشرون بالجنائز للغة الإسبانية من إعداد مشترك لطلبة اللغة الأسبانية في ولاية بجاية الجزائرية، وهذه الترجمة متحمس لها لأنها مبادرة حرة لطلبة متفوقين. أما المهرجانات استفدت منها كثيرا من خلال معرفة الخبرات وتزاوج الأجناس الإبداعية والتوجهات، المهرجانات عرفتني بالكثير من الأدباء في كل الأوطان العربية، منهم أسماء وازنة وأخرى شبابية، وكان آخرها مهرجان شرم الشيخ للمسرح الشبابي بجمهورية مصر العربية (نوفمبر2024م)؛ من خلاله تعرفت على كتاب ونقاد ومبدعين شباب (هواة ومحترفين) في المسرح. فالمهرجانات تفيد الكاتب وتجعله يثري تجربته وتنوعها.
س… القصة القصيرة أو القصيرة جدا في المضمار الأدبي أو الومضة هل كانت لكم كتابة في هذا المجال والذي يغتزل الاسترسال في ثيمة القصة ومحتواها الطويل.لدى القارئ.
قبل أن أكتب الرواية كتبت مجموعة قصصية بعنوان “تماثيل الشمع”، كانت معدة للطبع ولكن لظروف تأجل؛ دام هذا التأجيل لسنوات. لولا الكتابة القصصية لما أصبحت روائيا. القصة علمتني أن أغوص بحذر في السرد، علمتني التكثيف وأن ابتعد عن الإطناب. علمتني الخيال وجعلتني أتأثث لغويا وجماليا. من خلال القصة كتبت بالعديد من الأساليب: الأسلوب الرمزي، التجريبي، الكلاسيكي، الشاعري..إلخ. من كتب القصة وتميز فيها يستطيع أن يقتحم بقية الأجناس الأدبية ويتميز فيها وأولها الرواية.
س… كيف تصل بالمفهوم الأدبي في كتاباتك إلى ذائقة المتلقي الغربي وتجعله مواكبا لعملك سواء في الرواية أو الأداء المسرحي.
لا أريد أن أقلل من قوة ومكانة الأدب العربي، ولكن لا يمكننا مقارنته بالأدب الغربي، الذي سبقنا بسنوات ضوئية، وقد يكتشف القارئ النهم للأعمال الأدبية الغربية الجديدة هذا التباعد. وهذا يعود لأسباب كثيرة، منها أن الغربي كسر الطابوهات في الأدب ويكتب بعيدًا عن سلطة كلمة (عيب). استعمال التجريب والتحرر في الأساليب القديمة. والجدية في الكتابة وقدرة التحرير الجيدة. والتجربة الذاتية قبل الغوص في كتابة أي فكرة. الشيء الوحيد الذي جعل قلمي ينجو من نمطية الكتابة العربية هو اطلاعي المستمر على الإنتاج الأدبي الفرنسي أو “الفرانكوجزائري”؛ الكُتاب الجزائرين الذين يكتبون باللغة الفرنسية مثل: أمين زاوي، بوعلام صلصال، كمال داود، سارة غولة.
وأخيراً ماهو منجزكم في هذه السنة الجديدة من نتاج مسرحي أو روائي.
ستكون أنت أول من يعرف بعنوان روايتي الجديدة، الموسومة برواية (الصراط الأعوج)، وهي تتهيأ في حلتها النهائية لأرسلها لوزارة الثقافة الجزائرية في إطار دعم الأعمال الأدبية. وحالياً منشغل في كتابة نص مسرحي تاريخي، أخذ مني حيز البحث والتفكيك والتقاطع، بعنوان (مراثي الموريسكي المعاصر) الذي أستحضر من خلاله مسيرة تيه مسلمين الأندلس وإعادة بعث بكائية سقوط فردوس المسلمين.
وفي نهاية هذا الحوار معكم جزيل امتناني وتقديري لكم.
شكرا لك على هذه الأسئلة الوازنة التي جعلتني أغوص في تشكيل الوعي الروائي والمسرحي، وأعدتني إلى الحنين الأول، للقصة القصيرة.