تطور الشركات البحرية وقطاع النقل البحري في الصين
اجنادين نيوز / ANN
تحقيق / علي سلمان العقابي
تاريخ العمل البحري الصيني
منذ الاف السنيين كانت الصين قوة بحرية صاعدة، حيث يمتد تاريخها البحري الى العصور القديمة، مع عمق تاريخ الحضارة الصينية التي تعد من أقدم الحضارات وقد اعتمدت الصين على الموانئ البحرية كمراكز رئيسية للتجارة الدولية، الذي أضاف موقعها على بحر الصين عاملاً مساعداً لتكون من ضمن الدول البحرية القديمة حيث كان سكان مناطقها يعتمدون على الصيد البحري والنقل بالسفن الصغيرة او القوارب المعروفة والتي شكلت جزءاً مهماً من حضارة الصين. وكان طريق الحرير البحري جزءًا أساسيًا من نموها الاقتصادي الذي ساعد كثيرا في نهضتها الحالية.
عانى القطاع البحري الصيني من ظروف سياسية واقتصادية صعبة حتى بدأت نهضة الصين الكبرى بإعلانها سياسية الإصلاح والانفتاح. حيث تطور قطاع النقل البحري الصيني بشكل ملحوظ خلال القرن العشرين، ولكن التحول الأكبر بدأ في أواخر السبعينيات مع سياسة الإصلاح والانفتاح التي أطلقها الزعيم دنغ شياو بينغ، والتي جعلت الصين قوة بحرية عالمية تنافس أكبر الدول من حيث التجارة البحرية.
لمحة عن أهم الشركات البحرية الصينية
1- شركة كوسكو (COSCO – China Ocean Shipping Company)
تعد كوسكو واحدة من أكبر شركات الشحن البحري في العالم، حيث تمتلك أسطولًا ضخمًا من سفن الحاويات وناقلات النفط وسفن البضائع السائبة. تأسست في عام 1961، ومنذ ذلك الحين، توسعت عملياتها لتشمل الموانئ والخدمات اللوجستية في جميع أنحاء العالم.
2- مجموعة تشاينا ميرشانتس (China Merchants Group)
تعد هذه المجموعة من الشركات الكبرى التي تركز على النقل البحري وإدارة الموانئ والخدمات اللوجستية. تدير تشاينا ميرشانتس العديد من الموانئ الاستراتيجية في الصين وخارجها، ولها استثمارات قوية في تطوير الموانئ في أوروبا وأفريقيا.
3- شركة سينوك (CNOOC – China National Offshore Oil Corporation)
هذه الشركة مسؤولة عن التنقيب عن النفط والغاز البحري، وهي أحد أعمدة الاقتصاد الصيني، حيث تعتمد بكين على قدراتها في تعزيز أمن الطاقة البحرية وتوسيع استثماراتها في الخارج.
4- مجموعة شانغهاي الدولية للموانئ (Shanghai International Port Group – SIPG)
تدير هذه المجموعة ميناء شانغهاي، وهو أكبر ميناء حاويات في العالم من حيث حجم الشحن. تساهم المجموعة بشكل كبير في تسهيل التجارة الدولية الصينية من خلال تحديث الموانئ وزيادة كفاءتها.
نهوض العمل البحري الصيني وتطوره
شهد قطاع النقل البحري في جمهورية الصين الشعبية تطورًا هائلًا خلال العقود الماضية، ويمكن تلخيص أهم مراحله في النقاط التالية:
التوسع في البنية التحتية البحرية: استثمرت الصين مليارات الدولارات في تحديث موانئها وتطوير الممرات المائية وتعزيز قدرات أساطيلها البحرية.
التوجه نحو التكنولوجيا والرقمنة: أدخلت الشركات الصينية أنظمة تشغيل متطورة تعتمد على الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء لزيادة كفاءة إدارة الموانئ.
الشراكة مع موانئ عالمية: تمكنت الصين عبر شركاتها الكبرى من الشراكة والسيطرة على العديد من الموانئ الحيوية حول العالم، مثل ميناء بيرايوس في اليونان وموانئ في أفريقيا وأمريكا اللاتينية، مما عزز نفوذها في التجارة البحرية العالمية.
الابتكار في صناعة السفن: أصبحت الصين من رواد صناعة السفن، حيث تطور سفنًا تعمل بالطاقة النظيفة وتستخدم تقنيات متقدمة لخفض الانبعاثات الكربونية.
دعم الدولة والحكومة الصينية للشركات البحرية
لعبت الحكومة الصينية دورًا محوريًا في دعم قطاع النقل البحري، وذلك من خلال:
1. السياسات والاستراتيجيات الوطنية: أطلقت الحكومة مبادرات ضخمة، مثل مبادرة الحزام والطريق، التي تهدف إلى تعزيز الترابط البحري والتجاري بين الصين والعالم.
2. الدعم المالي والتسهيلات: توفر الحكومة الصينية قروضًا ميسرة ودعماً ماليًا كبيرًا لشركات الشحن البحري لتوسيع أعمالها والاستثمار في التكنولوجيا الحديثة.
3. التركيز على الأمن البحري: تسعى الصين لتعزيز نفوذها في الممرات البحرية الاستراتيجية مثل بحر الصين الجنوبي، لضمان استقرار إمداداتها التجارية.
4. تحفيز الابتكار والتكنولوجيا: تدعم بكين تطوير السفن الذكية والموانئ الآلية، ما يجعلها رائدة في مجال النقل البحري المستدام.
الخاتمة
باتت جمهورية الصين الشعبية اليوم من القوى العظمى في قطاع النقل البحري، حيث أصبحت شركاتها البحرية تتحكم في جزء كبير من التجارة الدولية. بفضل الدعم الحكومي والاستثمارات الهائلة، لا يزال القطاع البحري الصيني ينمو بسرعة، مما يعزز دور الصين كلاعب رئيسي في التجارة العالمية ويجعلها نموذجًا يُحتذى به في تطوير الصناعات البحرية. وتجلى ذلك واضحاً من خلال محافظة (ميناء شنغهاي) الصيني على المركز الأول عالميا للعام الـ 13 على التوالي، حيث بلغت سعته 47.3 مليون حاوية مكافئة. وهذا يدل على التطور الكبير الذي وصلت اليه اليوم الصين في دعم التجارة البحرية العالمية.
