ما هي شروط الاستخلاف ومفاتيح الجنة الموعودة في اخر الزمان؟

اجنادين نيوز / ANN

باسم فضل الشعبي

أردنا منذ اليوم الأول أن يكون الإسلام مشروعًا للتصحيح والبناء والنهضة والعزة والكرامة والعدل والحرية، إسلامًا لصلاح وسلام وخير البشرية والإنسانية .. إلا أن ذلك لم يعجب الجماعات التي أرادت أن يبقى الإسلام أداة للاستبداد والتخلف والإرهاب والكسب الرخيص، منغلقًا عليها، وكأنه ملك حصري لها، تستخدمه وتوظفه لصالحها ولصالح قطعانها، دون أن يكون مشروعًا لخير وسعادة الناس والبشرية كلها.
وزادت على ذلك أن لفقت حديثًا عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، مفاده أن الإسلام ينقسم إلى 72 فرقة، كلها في النار إلا واحدة في الجنة، ولا نعلم لحد الآن منذ 1400 سنة، من هي هذه الفرقة الواحدة الناجية، حتى يتبعها الناس؟!
لقد كان هذا التلفيق وغيره بداية الشقاق والخلاف بين المسلمين، لا سيما أهل السنة، كل جماعة أو فرقة تدعي أنها على حق، والآخرين على باطل، وكل منها يسوق الأوهام والأكاذيب لأتباعه لإثبات أنه هو الناجي، والآخرين سيقعون في النار، أو يغرقون في البحر.. ومن هذا الكلام الذي أضاع الإسلام في ديار المسلمين، وأصبح الناس في تيه وضلال وتخلف وجهل، وتدين شكلي.. إلا من رحم الله.
صراع مرير مع هذه الجماعة و القوى المتخلفة لعقود وسنوات طويلة.. هذه القوى التي لا تريد أن تجدد، ولا أن تتجدد، ومع ذلك تريد أن تحكم باسم الإسلام هو الحل، بينما وهي على هذه الحالة تعد مشكلة خطيرة، ويصبح الإسلام في حضرتها مشروعًا للاستبداد والتخلف والخراب والفوضى.. ويصبح الحل هو إما أن تجدد وتتجدد، وإما أن تقتلع من الجذور وتزول.
وهل تعي هذه الجماعات أن ما مضى من صراع كان فتنة ابتلاء بين الخير والشر.. وأن هناك من سقط في الشر، وعليه أن يعترف بذلك، وأن يطلع من الفتنة، ويصحح مساره بالعودة إلى طريق الإسلام المستقيم؟
نحن في آخر الزمان، هذا صحيح، وهناك استخلاف في الأرض وجنة.. وهل تعلم هذه الفرق والجماعات الإسلامية المتصارعة، أن شروط الاستخلاف ودخول هذه الجنة موجودة في القرآن الكريم، ولم يذكر القرآن الفرقة أو الجماعة الناجية، وإنما تحدث على العموم بأن الناجين والمستخلفين والوارثين للأرض في آخر الزمان، هم كما قال الله تعالى: “وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم بعد خوفهم أمنًا يعبدونني لا يشركون بي شيئًا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون”.
وقال في سورة الأنبياء: “والأرض يرثها عبادي الصالحون”.
وقال أيضًا: “إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات تجري من تحتها الأنهار ذلك الفوز الكبير”.
فتشوا في آيات الاستخلاف في القرآن العظيم، وهي كثيرة، ليس من بينها وعد واحد للفرقة الناجية أو الجماعة الإسلامية الناجية، وذلك لأن الاستخلاف والجنة الموعودة، ليست حكرًا أصلًا على المسلمين من أتباع محمد صلى عليه وسلم، لوحدهم، بمعنى لن يشفع لك انتماؤك الشكلي للإسلام، الفوز بالاستخلاف والجنة، وإنما جعل الله ذلك للمؤمنين، والذين يعملون الصالحات، والصالحين من المسلمين والشرائع والأمم الأخرى.
ومن هنا قد يسأل سائل هل سيكون أهل الكتاب مثلًا النصارى أو المسيحيين أو اليهود معنا في حياة الاستخلاف في جنة الأرض؟ الجواب نعم، سيقول السائل هؤلاء غير مسلمين؟ الجواب هؤلاء مسلمون، فهم من أتباع الأنبياء موسى وعيسى وغيرهما من أنبياء بني إسرائيل أو اليهود، وهؤلاء الأنبياء جميعًا كان دينهم الإسلام، وما المسيحية والنصرانية واليهودية إلا شرائع، وليست ديانات، استنادًا إلى قوله تعالى: “إن الدين عند الله الإسلام”، بمعنى أدق يمكن التوضيح أن الناس سوف تدخل في نهاية أو آخر الزمان، في دين الله أفواجًا، بمعنى سيعود الناس جميعًا إلى الإسلام، لأنه هو الدين الذي سوف يرتضيه الله في حياة الآخرة أو حياة الاستخلاف للمؤمنين الصالحين.
ولربما يسأل سائل كيف سيدخل الناس من أصحاب الكتاب من النصارى والمسيحيين والروم واليهود وغيرهم، علنًا إلى الإسلام، وهم حاليًا ينكرون ذلك؟ هل سيكون هناك رسول من الله مثلًا يهدي المسلمين وغيرهم إلى الإسلام الحق؟
الجواب نعم، إذا فهمنا من الآية السابقة أن هناك وعدًا من الله للمؤمنين والصالحين بالاستخلاف في الأرض، معناه أن وجود استخلاف يعني وجود خلافة في الأرض، وهذا يعني ويؤكد على وجود خليفة لله في الأرض في نهاية الزمان، والكثير من الأنبياء من إدريس عليه السلام، إلى محمد صلى عليه وسلم، تحدثوا عن وجود خلافة في آخر الزمان، على منهاج النبوة، بل إن هناك من تحدث عن أن خليفة آخر الزمان هو أصلًا رسول من الله مجدد لرسالة التوحيد التي جاء بها الإسلام، وعلى يديه سوف يدخل الناس في دين الله أفواجًا، وسيكون شرط الاستخلاف في جنة الأرض في آخر الزمان، بعد القضاء على الشر والباطل والشرك، هو الإيمان بالله ودين الله الإسلام، وبخليفة الله ورسوله في الأرض، وبجميع أنبيائه ورسله، وهذا ما يجعلنا في انتظار وشوق لظهور رسول وخليفة آخر الزمان الذي تقول كل المؤشرات والتنبؤات إنه اقترب، والذي سينتهي في عهده الظلم والجور والفساد، وسوف يسود العدل والسلام والخير الأرض كلها، ويزول الفقر، وتخرج الأرض ما في بطنها وجبالها من كنوز، وتمطر السماء، وتنبت الأرض الزروع والثمار، وتجري فيها العيون والأنهار، وما هو أكثر من ذلك.
وبالعودة على بدء، فإن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، قال: سيعود الإسلام في آخر الزمان غريبًا كما بدأ، فطوبى للغرباء، فقيل من هم الغرباء يا رسول الله، قال الذين يصلحون عندما يفسد الناس.
وهذا يدل دلالة كبيرة أن الاستخلاف في الأرض مشروط بالصلاح والأعمال الصالحة قبل كل شيء.
وهذه بشارة للصالحين والمصلحين في الأرض من الرسول الكريم، وما نعيشه اليوم من واقع انتشر فيه الفساد والظلم والجور بصورة كبيرة، يثبت صحة هذا الحديث المتوافق مع كتاب الله.
ويبدو أن “كتاب التصحيح والبناء.. في ظلال الفكر والدعوة والعمل”، يناقش هذه القضية باستفاضة، ويقدم أفكارًا واقعية لما نحن عليه حاليًا من علاقة مع الإسلام في نهاية الزمان.
كما يقدم مفاتيح ذهبية وملهمة لفتح الأبواب المغلقة أمام الناس للدخول إلى حياة الاستخلاف الجديدة في الأرض وجنتها الموعودة.

-الكتاب متوفر نسخة الكترونية على رابط الموقع:

ما هي شروط الاستخلاف ومفاتيح الجنة الموعودة في اخر الزمان؟


المقالة تعبر عن وجهة نظر كاتبها

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى