بذرة الأمل من شاندونغ: نظرة أردنية على نظام الغذاء المغلق في الصين

اجنادين نيوز / ANN
الدكتورة عائدة المصري
في هذه المقالة، أهدف إلى استكشاف الآثار المترتبة على الإنجاز الصيني الرائد في مقاطعة شاندونغ، حيث تم إنشاء نظام غذائي مغلق. وبصفتي باحثًا أردنيًا متخصصًا في الأعمال الدولية وإدارة سلاسل التوريد، وخبرتي في وزارة الزراعة الأردنية، سأقوم بتحليل التأثير المحتمل لهذا التطور على الأمن الغذائي العالمي والعلاقات التجارية ومستقبل الزراعة.
في مدينة ووهان الصينية، حيث ينبض الهواء بالابتكار الصناعي، خيّم شعور مختلفٌ بالترقب. هاتفي يُصدر رنيناً مُلِحّاً، تنبيه إخباريٌّ يومض: “مُجمع شاندونغ الزراعي يُحقق إنجازاً هاماً في نظام الغذاء المُغلق”.
كمُختصٍّ في مجال الأعمال الدولية وإدارة سلاسل التوريد، وبخبرتي في وزارة الزراعة الأردنية، راودتني موجةٌ من الفضول المهنيّ. لطالما حلّلتُ صعود الصين كقوةٍ اقتصاديةٍ عالمية، لكنّ همسات التوترات الجيوسياسية، التي كانت ذات يومٍ أصداءً بعيدة، باتت الآن زئيراً مُستمراً يُذكّر بهشاشة سلاسل التوريد العالمية. وفي قلب مقاطعة شاندونغ، تلك المقاطعة التي زُرتُها مراراً وتُعرف بسلة خبز الصين، بدأت تجربةٌ جريئةٌ تتكشف.
ذكرياتي عن شاندونغ هي مزيجٌ من المناظر الطبيعية النابضة بالحياة واللقاءات الثاقبة. أتذكر تلال ليني، حيثُ يُفاخر المُزارعون، ليس فقط بمهاراتهم في الزراعة، بل أيضاً بفطنتهم التسويقية، بعرض مُنتجاتهم. وفي مدينة زِبو، شهدتُ التزام الحكومة المحلية الراسخ بالاستثمار الزراعيّ، حيثُ يتوق قادة هذه المدينة إلى تبنّي الابتكار والاستدامة. أمّا أسواق تشينغداو الصاخبة، المُفعمة بالمأكولات البحرية الطازجة والأطباق المحلية الشهية، فكانت شاهداً على وفرة وجودة الإنتاج الغذائيّ في المنطقة.
ما أثار إعجابي أكثر خلال رحلاتي هو الشعور الواضح بالفخر في صناعة الأغذية في شاندونغ. تحدّث المُزارعون بحماسٍ عن التزامهم بإنتاج أغذيةٍ خاليةٍ من المُكونات غير الصحية، مُعبّرين عن احترامٍ عميقٍ لكلٍ من التقاليد والابتكار. كان التكامل السلس للتكنولوجيا الذكية في كلّ مرحلةٍ من مراحل العملية، بدءاً من الزراعة الدقيقة ووصولاً إلى المُعالجة الآلية، شاهداً على طموح الصين لقيادة العالم في التقدم الزراعيّ.
تردد صدى خبر النظام المُغلق مع مُلاحظاتي الخاصة. لقد كان تتويجاً للتفاني والابتكار وروح المُبادرة التي شهدتُها مُباشرةً. إنّ فُرصة وجود نظامٍ غذائيٍّ يُمكنهُ تحمّل اضطرابات التوترات الجيوسياسية، مع الحفاظ على أعلى معايير الجودة والاستدامة، كانت مُلهمةً ومُثيرةً للتفكير في آنٍ واحد.
وبينما تعمّقتُ في تفاصيل مُجمع شاندونغ، لم يسعني إلّا الشعور بوجود فُرصة. إنّ إمكانية التعاون بين وزارة الزراعة في الأردن وسُلطات شاندونغ الزراعية هائلة. يُمكن أن يُفيد تبادل المعرفة والتكنولوجيا وأفضل المُمارسات كلا البلدين، مما يُعزز الأمن الغذائيّ ويُشجع التنمية الزراعية المُستدامة.
كانت الدعوات التي تلقّيتها للعودة، وإمكانية التعاون والاستثمار، دليلاً على الثقة وحُسن النيّة التي غرستُها خلال زياراتي. إنّ فُرصة المُساهمة في هذه المُبادرة الرائدة، والاستفادة من خبرتي لتعزيز مرونة واستدامة النظام الغذائيّ، كانت مُثيرةً ومُتواضعةً في آنٍ واحد.
لقد بدأت بذرة رؤيةٍ جديدةٍ لمُستقبل الغذاء في شاندونغ. إنها رؤيةٌ تحتضن التكنولوجيا، وتُكرّم التقاليد، وتُعطي الأولوية لرفاهية كلٍ من الإنسان والكوكب. وبينما واصلتُ بحثي، عرفتُ أنني أُريد أن أكون جزءاً من هذه الرحلة، وأن أُساهم بمعرفتي وخبرتي في التطور المُستمرّ لصناعة الأغذية في الصين، وأن أصنع روابط أقوى بين الأردن والصين سعياً وراء مُستقبلٍ غذائيٍّ أكثر استدامةً وأماناً.