نكبة مستمرة: من تهجير 1948 إلى مجازر غزة اليوم

اجنادين نيوز / ANN
بقلم: لؤي الكمالي
ما يجري الآن ليس جديدًا، بل هو استمرار لسياسة قديمة بدأت مع النكبة، لكنها اليوم تُمارَس بوسائل أحدث وبغطاء سياسي إعلامي أقوى. الشعب الفلسطيني ما يزال يواجه نفس المصير الاقتلاع من أرضه، وحرمانه من العودة، ومحاولة محو هويته. منذ عام 1948 وحتى يومنا هذا، لم يتوقف الشعب الفلسطيني عن معايشة النكبة، بل امتدت فصولها وتجدّدت بأشكال ووسائل مختلفة، ليبقى التهجير القسري واحدًا من أكثر الأوجه المؤلمة والثابتة في الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي. ففي عام النكبة، تم اقتلاع مئات الآلاف من الفلسطينيين من قراهم ومدنهم بقوة السلاح والمجازر، واليوم نشهد مشاهد مشابهة في غزة والضفة والقدس، حيث يتكرّر سيناريو الطرد الجماعي والدمار والحرمان من الحق في العودة. هذا التشابه بين الماضي والحاضر لا يعكس فقط استمرارية الاحتلال، بل يكشف عن منهجية واضحة في اقتلاع الإنسان الفلسطيني من أرضه وسلبه هويته وتاريخه.
نفس الهدف والأسلوب بين الماضي والحاضر على مدار 77 عامًا تفريغ الأرض من سكانها الفلسطينيين بالقتل والمجازر لبث الرعب.
في 1948، كان الهدف من التهجير خلق “دولة يهودية” بأقل عدد ممكن من الفلسطينيين، عندما ارتُكبت مجازر دير ياسين، الطنطوره، اللد والرملة، التي تسبّبت في فرار آلاف الفلسطينيين. أما الآن، واضح أن إسرائيل تسعى لإنهاء الوجود الفلسطيني، سواء بالقتل أو التهجير، خاصة في غزة، وتقليل الوجود الفلسطيني في القدس الشرقية والضفة الغربية عبر مجازر تقشعر لها الأبدان تحدث يوميًا، لا تميّز بين أحد؛ الدم الفلسطيني واحد، والموت لا يسأل عن الهوية أو العمر. الكل تحت نيران واحدة من الرضيع حتى الشيخ، من الطبيب حتى الطالب، من المرأة حتى الجريح. المجازر تُرتكب وكأن الحياة الفلسطينية لا تستحق حتى الشفقة، إنها آلة قتل لا ترى في الإنسان إلا هدفًا، ولا تعترف بحرمة الروح ولا قدسية الحياة.
في عام 1948، تم تدمير أكثر من 400 قرية فلسطينية ومسحها عن الخارطة وتغيير أسمائها، وبُنيت مكانها مستوطنات. واليوم في غزة، تحوّلت مدن كاملة مثل بيت حانون، الشجاعية، خزاعة، خان يونس، ومؤخرًا رفح إلى أنقاض اختلطت ببقايا البشر لتشكل مشهدًا مفزعًا من الأشلاء المبعثرة ملتصقة بما تبقى من ذاكرة المكان. في القدس، يتم تغيير معالم الأحياء الفلسطينية وطرد سكانها بحجج قانونية.
إن ما يحدث اليوم في فلسطين، خصوصًا في غزة، ليس سوى فصل جديد من نكبة لم تنتهِ، بل استمرت بأشكال مختلفة من القتل والتهجير ومحو الهوية. وإن تشابه المجازر بين الأمس واليوم يؤكد أن المشروع الاستعماري الصهيوني لم يتغيّر، بل تطوّر في أدواته ووسائله، بينما ظل هدفه ثابتًا اقتلاع الفلسطيني من أرضه.
لكن، رغم الألم والدمار، يظل الفلسطيني متجذرًا في أرضه، رافضًا النسيان، حاملًا قضيته جيلًا بعد جيل، لأن الوطن لا يُمحى من القلب، والحق لا يسقط بالتقادم.
فاللهم كن مع أهلنا في غزة وكافة فلسطين، اللهم ثبّتهم على الحق، واعصم قلوبهم من الجزع، وانصرهم نصرًا عزيزًا مؤزرًا. اللهم اجعل لهم من كل همٍ فرجًا، واشدد على قلوبهم، وارفع عنهم البلاء.