تعزيز الصداقة الصينية العربية: جسور من التاريخ إلى المستقبل

اجنادين نيوز / ANN
بقلم بادي مكي، نائب رئيس تحرير شبكة طريق الحرير الإخبارية في الجزائر، عضو الرابطة العربية الصينية للحوار والتواصل، و عضو الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتاب العرب أصدقاء وحلفاء الصين،
يقول المثل الصيني: “إن الصداقة بين الدول تُبنى على تقارب الشعوب، والتقارب بين الشعوب يولّد التعاطف بين القلوب”. هذا القول يلخص فلسفة العلاقات الدولية المبنية على الاحترام والتفاهم، ويجسد عمق الروابط بين الصين والعالم العربي.
لطالما كانت الصداقة قوة محركة في التاريخ البشري، ومن أبرز الأمثلة على ذلك العلاقة بين الصين والدول العربية، التي تمتد جذورها إلى أكثر من ألفي عام، وتحديدًا عبر مشروع طريق الحرير القديم. مدينة “شيان”، المعروفة كبداية لهذا الطريق، كانت من أوائل المدن التي وصلها الإسلام بفضل التجار العرب، وشكلت بوابة لتبادل ثقافي وحضاري عميق.
خلال زيارتي إلى الصين ضمن وفد ضم 25 باحثًا من 17 دولة عربية، ومن بينها الجزائر، تشرفت بتمثيل شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية بصفتي نائب مدير التحرير، بدعوة من دائرة العلاقات الخارجية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني. زرنا مدينة “تشيوانتشو” التاريخية، التي تضم مسجد الأصحاب – المعروف محليًا بـ”مسجد تشينغ جينغ” أو مسجد السكينة – الذي بُني عام 1009م على الطراز العربي، ويُعد من أقدم المساجد في الصين. كما زرنا المقبرة الإسلامية التي تمثل شاهدًا حيًا على التعايش الديني والتبادل الحضاري العميق بين الصين والعرب.
لطالما كانت الصين ملتقى للثقافات، ومركزًا تجاريًا وعلميًا. وكما يقول المثل العربي: “اطلبوا العلم ولو في الصين”، في دلالة على تقديرنا القديم لمكانة الصين الحضارية. عبر طريق الحرير، لم تنتقل البضائع فحسب، بل رافقتها المعارف، والتقنيات، والفنون، مثل صناعة الورق وتطور الطباعة، وغيرها من الإسهامات الصينية للبشرية.
في عصرنا الحديث، يشهد العالم تحولات عميقة، وسط تحديات غير مسبوقة وخصوصًا في ظل السياسات الأمريكية الأحادية والساعية للهيمنة. في المقابل، تُقدم الصين نموذجًا مختلفًا في علاقاتها الدولية، قائمًا على الشراكة والاحترام المتبادل، مدفوعة برؤية استراتيجية وقيادة حكيمة جعلتها ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وقد جاءت مبادرة “الحزام والطريق”، التي أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينغ عام 2013، لتجسد هذا النهج، مرتكزة على مبادئ التشارك والتشاور والمنفعة المتبادلة. هذه المبادرة ليست فقط مشروعًا اقتصاديًا، بل رؤية لبناء مجتمع عالمي أكثر توازناً وعدالة.
نحن كمثقفين عرب، ندعو إلى توثيق أواصر الصداقة والتعاون الاستراتيجي بين الصين والدول العربية، لبناء مستقبل مشترك يقوم على الاحترام والتفاهم والتنمية المتبادلة. فالعلاقات الصينية العربية ليست مجرد تاريخ، بل هي أيضًا أمل لمستقبل مشترك مزدهر في عالم متعدد الأقطاب، كما أكّد الرئيس شي جين بينغ مرارًا على أهمية ترابط الشعوب في نجاح “الحزام والطريق”.
وفي الختام، نقول بكل وضوح: نحن ندعم الصين كدولة صديقة وحليفة، ونثق في مواقفها العادلة التي تهدف إلى خدمة البشرية جمعاء. وندعو إلى الحوار والتفاهم كسبيل لتجاوز الخلافات وبناء عالم أفضل، وعاشت الصداقة الصينية العربية، وخاصة بين الجزائر والصين، قوية ومتجددة دائمًا.