العلاقات العربية الصينية وتأثرها بالبيئة والسياسات الدولية .
أجنادين نيوز / ANN
بقلم الصحفي سامر كامل فاضل.
كاتب وشاعر سوري وصديق للإتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتاب العرب اصدقاء وحلفاء الصين .
تعود العلاقات بين جمهورية الصين الشعبية والدول العربية إلى تاريخ قديم يمتد لأكثر من ألفي عام ، لعبت فيه طرق الحرير البرية والبحرية بين الجانبين دوراً هاماً في ربط هذه الدول وتوطيد العلاقات على مرٌ الزمن .
وقد بشّر تأسيس جمهورية الصين الشعبية الجديدة واستقلال الدول العربية بعهدٍ جديد للتبادل الودي الصيني العربي أدى إلى إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين وجميع الدول العربية / 1959 – 1990 /
وارتكزت الصين في بناء العلاقة مع الدول العربية على خمس أسس هي الاحترام المتبادل للسيادة ووحدة الأراضي وعدم الاعتداء ، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول ، والمساواة و المنفعة المتبادلة ، والتعايش السلمي .
ويعتبر العالم العربي شريكاً مهماً للصين التي تسير بخطواتٍ ثابتةٍ على طريق التنمية السلمية في مساعيها لتعزيز التعاون والتضامن بين الدول النامية .
وينظر الجانب الصيني دائماً إلى العلاقات الصينية العربية من الزاوية الاستراتيجية ملتزما بتطوير وتعميق الصداقة التقليدية بين الصين والدول العربية كسياسة خارجية طويلة الأمد .
وقد دعمت الصين حركات التحرر الوطني العربية ، وتدعم نضال الدول العربية في سبيل الدفاع عن السيادة الوطنية ووحدة ترابها ، ودعمت القضايا العربية في تطوير الاقتصاد القومي وبناء الأوطان ووقفت إلى جانب عملية السلام في الشرق الأوسط ودعمت قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة كاملة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية ، ودعمت جامعة الدول العربية وأعضاءها في هذا السبيل ، كما دعمت خلو منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية .
وبالمقابل قدمت الدول العربية دعماً قوياً للصين في استعادة مقعدها في الأمم المتحدة ودعمتها في قضية تايوان .
هذا وتعمل الصين يكل طاقتها لتحقيق هدفين هامين هما : بناء دولة اشتراكية حديثة غنية قوية وديمقراطية متحضرة ، والثاني هو تحقيق النهضة العظيمة للأمة الصينة .
وتواصل الصين رفع راية السلام والتنمية والتعاون والكسب المشترك وتسلك طريق التنمية السلمية وتلتزم باستراتيجية الانفتاح القائمة على المنفعة المتبادلة سعياً إلى إقامة علاقات دولية متميزة أساسها التعاون والكسب المشترك .
ومع ظهور العولمة التي نتج عنها تجمعات إقليمية سياسية واقتصادية ، فقد اختارت الصين العولمة الاقتصادية وعدم الانفصال عنها من خلال المشاركة في حل مشاكل الأمن الجماعي بالتعاون مع الدول الكبرى والأمم المتحدة ، وفرضت التعددية القطبية في العالم بهذا الدور .
ومع تعاظم دور الصين وارتقاء مكانتها الدولية ، أولت الصين سياسة خارجية خاصة للشرق الأوسط التي تمثل معظمه الدول العربية والتي أصبحت جزءاً من استراتيجية الجوار الموسّع للصين حتى غدت من أكبر المستوردين للنفط في الشرق الأوسط ، وبالمقابل صار الشرق الأوسط السوق الأكبر للمنتجات والبضائع والتكنولوجيا الصينية .
مع هذا التعاظم للقوة الصينية والمكانة الدولية والقدرة الاقتصادية ، أصبحت قطباً أساسياً في وجه الولايات المتحدة الأمريكية .
فالصين الباحثة عن الموارد الطبيعية في الشرق الأوسط تتعارض مع المصالح الأساسية والاستعمارية لأمريكا .
إن نمط التنمية الصيني الذي لم تمانع الصين في مشاركته مع الدول النامية وعلى رأسها الدول العربية للاستفادة من تجربة نجاح الصين في الإصلاح والانفتاح ، أقلق واشنطن التي تسعى إلى استراتيجية إصلاح مختلفة في الشرق الأوسط تضمن سيطرتها على قراراته السيادية بخلاف الصين التي تعتمد مبدأ الشراكة والتعاون والكسب المشترك ، في حين تعتمد الولايات المتحدة الأمريكية على التدخل في شؤون الدول وتغيير أنظمتها بحجة الديمقراطية وفرض التبعية الاقتصادية والسياسية على هذه الدول ومصادرة قرارها .
من هنا نجد أن صعود الصين وتعاظم نفوذها أصبح واقعاً وحقيقةً تتأكد مع الوقت ، مما يعطيها سلطة في تشكيل بعض قواعد النظام العالمي و رفض بعضها الآخر ، مما يتيح للكثير من البلدان بتبني معايير جديدة ، فظهور قطب جديد كالصين يمنح البلدان الأخرى خياراتٍ أكبر مما كانت عليه في حقبة القطب الواحد .
وبطبيعة الحال سينسحب هذا الواقع الجديد في النظام الدولي إلى الأنظمة الفرعية ومنها الشرق الأوسط .