شهد وحسين
اجنادين نيوز / ANN
باسم محمد حسين
شهد حفيدتي بعمر 6 سنوات وحسين سبطي بذات العمر، وكلاهما في الصف الأول الابتدائي ولكن في دولتين غير متجاورتين. شهد تعيش في الدانمارك – كوبنهاغن بينما حسين في العراق – البصرة.
بالتأكيد النظامين التعليميين يختلفان عن بعضهما. الدانمارك حالها كحال الدول الأوربية والمتقدمة الاخرى تعمل بنظام مدروس ومجرب لسنوات طويلة ويُحدَّث بين فترة واخرى وفقاً للظروف ومتطلبات المرحلة، بينما في عراقنا المبتلى فلا نظام تعليمي يستند الى أسس رصينة أو على الأقل مدروسة وتتماشى مع الواقع وتنتقل للمستقبل المنظور بشكل لائق.
الحقيقة أن الذي دفعني لكتابة هذه المادة هو ثقل وزن حقيبة حسين المدرسية حيث لا يقوى على حملها من باب البيت الى الباص المستأجر الذي يقله وزملاءه من والى المدرسة وهي أمتار قليلة، فكيف به في المدرسة حيث يمشي عشرات الأمتار؟! وهل الكتب والدفاتر المرصوفة في الحقيبة ستوصله الى مستوى علمي أفضل من مستوى شهد؟. كتُب الصف الأول كبيرة الحجم وثقيلة الوزن يضاف لها الدفاتر التي يطلبها المعلمون من الحجم الكبير ولكل مادة دفتران الأول للواجبات والثاني للملاحظات وهذه بدعة جديدة لم نكن نعرفها في الماضي، ناهيك عن مستلزمات التربية الفنية من الاقلام الملونة الى دفتر الرسم الكبير وهناك دفاتر اخرى فيها رسومات ملونة والاخرى فارغة يتم تلوينها من قبل التلاميذ. وبسبب الجائحة أصبح هناك تواصل بين المدرسة وأولياء الأمور عبر وسائل التواصل الاجتماعي (وبرأيي المتواضع هذه حالة ممتازة) لو أحسن استعمالها من قبل الطرفين، ولكن لا أن تُبَلِّغ المعلمة أولياء الأمور عن واجب بيتي في الساعة التاسعة والربع من مساء اليوم السابق!. هذه بعض الأمور اليومية للمعاناة، وهناك أمر آخر ربما أكثر أهمية وهو تغيير المناهج المستمر فكل وزارة تأتي وتستلم المسؤولية تغير جزءاً من المناهج ليس بهدف التطوير (وهو الهدف المعلن) بل لطباعة كتب جديدة بأسعار خرافية كي تحصل على العمولات، ناهيك عن عدم تطوير مهارات المعلمين والمدرسين وكوادر الاشراف التربوي وغيرهم من الادارات الوسطى والعليا.
بينما حفيدتي شهد فهي لا تمتلك حقيبة مدرسية لأن منهاجهم الدراسي غير معني بالواجبات البيتية بل ينجز التلاميذ جميع دروسهم داخل الحرم المدرسي وهي مناهج بسيطة ومركزة ومفهومة من تلك الفئات العمرية وهي تركز على بناء شخصية الطفل لا أن تملأ رأسه بكمية من المعلومات والتي قد لا يستوعبها، ومن المفيد ذكره بأن لا رسوب في الصفوف الأولى ولا امتحانات تقليدية تثير مخاوف الطلاب بل هناك تقييمات على سلوك الطالب وذكائه ومثابرته وميوله، وأيضاً حلول لما قد يعاني من مشكلات، وهناك سفرات علمية وترفيهية تركز على تعليم الطفل ما يحتاجه في هذه المرحلة من العمر وما يفيده في البحث بغية التطوير. وهناك تبادل زيارات للبعض في بيوتهم لتعزيز العلائق الانسانية بينهم وبين الآخرين.
الحقيقة المرة ان العراق يحتاج الى ثورة قوية لتصحيح مسار التعليم في جميع مراحله، أولها أن نعلم أولادنا الاحترام قبل التعليم، وليس آخرها أن نمنح المعلم حصانة الدبلوماسي وراتب الوزير وصلاحية القاضي كما فعلت اليابان بُعَيد خسارتها في الحرب العالمية الثانية، لتصل الى ما وصلت له الآن.